احتفالاً وتقديرًا للدهشة..

Raneem Alshaikh
27 ديسمبر 2023



أهلاً بك!

من أي مكان أنت وبأي حال كنت..

"إذا كنا لا نولد من جديد، وإذا كنا عاجزين عن النظر مجددًا إلى الحياة ببراءة الطفولة وحماستها، فهذا يعني أن الحياة فقدت معناها."

قرأت هذه العبارة في إحدى الروايات ومازلت أتذكرها كلما شهدت أمامي على بهجة الأطفال وطرق تعبيرهم، إقبالهم على الحياة ودهشتهم المتتالية برغم كل شيء..

تذكرني أيضًا بقدرتنا على التجدد والولادة من جديد كل يوم بأمل أو ملل، بفضول بحثًا عن المعنى حتى وإن انطفأ الحماس أحيانًا.. حتى وإن نسينا البراءة والدهشة..

حتى وإن فقدنا المعنى أحيانًا..

يغلب على هذا الوقت من السنة كثرة المراجعات، التخطيط والاستعداد للسنة القادمة، إنهاء وإغلاق الملفات.. وأيًا كان شعورك الحالي تجاه هذا الوقت،

أكتب لك هذه التدوينة احتفالاً وتقديرًا للدهشة وتذكيرًا لك برحلتك الفريدة على هذه الأرض..

اخترت أشاركك بعض الدروس اللي تعلمتها من تجاربي خلال السنتين الماضية، قد تجد معنى أو جزء من نفسك في بعض الأسطر أو تقرأ أمور معروفة وبديهية بالنسبة لك، قد تتفق أو تختلف وأيًا كان موقفك إذا كنت ستكمل القراءة أدعوك أن تقرأها بقلب مفتوح.. وإذا كنت تحب التدوين فجهز دفترك وقلمك واكتب أيضًا عن تجاربك الخاصة..

6 دروس تعلمتها من رحلتي المدهشة:

المسؤولية شعورها قوي وملهم وتتطلب حركة ونظام خاص.

كبرت ورأيت حولي النقيضين، أشخاص ملتزمين بمسؤولياتهم بطريقة مبهرة بدون أي شكوى وتذمّر وكنت أتسائل في داخلي (كيف الشخص ما يمل؟)، وأشخاص مفرطين أو متذمرين من مسؤولياتهم بطريقة تعكس عدم رضاهم بكل تفاصيل حياتهم.. وشخصيًا فكرة المسؤولية كانت جدًا مشوهة عندي.. كنت أمارس مسؤوليات ما تخصني وأتخلى عن مسؤولياتي، كنت أشعر أني مسؤولة عن مشاعر بعض الأشخاص، وتلقائيًا ارتبطت المسؤولية عندي بالملل والحزن والثقل وإنها شيء يبعدني عن نفسي بينما هي العكس تمامًا!

لما تعلمت أكثر وأعدت تعريفها أدركت أنها عمق القوة والحرية.. اللي يهمني أوصله بالتحديد هو أهمية إدراكك لموضوع المسؤولية وانعكاسه على كل جوانب حياتك.. إنك تدرك مسؤوليتك تجاه نفسك وحياتك أولاً ومن ثم تتدرج لغيرها بوعي واتزان، تقدم اللي عندك وما تلعب دور مو دورك، تمكّن اللي حولك -وخصوصًا الأطفال- وتساعدهم في فهم مسؤولياتهم بدقّة..

في اللحظة اللي تشعر فيها بزيادة مسؤولياتك اعتبرها علامة للتوسع والقوة والجاهزية، استقبل الإلهام وانشئ لنفسك نظام جديد..

أسئلة للتفكر:

ما هو شعوري تجاه كلمة مسؤولية؟ هل أنا مدرك لمسؤولياتي الحالية؟

ما هي مسؤولياتي تجاه نفسي الآن؟

ما هي مسؤولياتي تجاه الآخرين وماذا يمكنني أن أقدم لهم؟

هل أقوم بتأدية مسؤوليات غيري بالنيابة عنهم؟

ما هو النظام الذي يساعدني في تأدية مسؤولياتي؟



النتائج هي معلومات حيادية تابعة للأسباب.

في كثير من الأوقات كنت لما ما أحصل على نتائج معينة عقلي يتوجه تلقائيًا لفكرة "أنا المشكلة" ويجر وراه كل الأفكار المحبطة اللي تربط قيمتي الشخصية بالنتيجة.. أفكار مثل "أنا مو كفاية" "سويت شيء غلط" "لازم أسوي أكثر" "أنا فاشلة"..... الخ. إلى أن تعلمت أفصل قيمتي عن النتيجة وأتعامل مع النتائج وكأنها معلومات حيادية.. بكل بساطة أمامي الآن معلومات نتيجة لأسباب معينة، ايش ممكن أتعلم؟ كيف أقدر أستخدم هذه المعلومات الآن؟ أقدر أبذل أسباب جديدة؟

هذا الفصل المشاعري ساعدني أتعلم وآخذ قرارات من مكان رايق ومتزن لأن، حتى لو سعيت وبذلت الأسباب ما عندي تحكم بالنتائج.

الإحباط غالبًا ينبع من توقعات أنت حددتها بمجرد ما تفشل التوقعات تجر وراها كل أفكار الخوف بس السؤال على أي أساس بنيت توقعاتك وليش حددت الطريقة؟

لأن فيه فرق كبير بين السعي باليقين والسعي بالتحكّم

تذكّر المرات اللي حصلت فيها على نتائج أقل أو تطابق أو تفوق كل توقعاتك!

هذه النقطة تذكرني بقوة التسليم وترجع لي الفضول والتواضع لتجارب وأسباب جديدة..

أسئلة للتفكر:

ماهي ردة فعلك التلقائية عندما لا تحصل على ما تريد؟

هل تميل في العادة إلى وضع توقعات منخفضة أو متطابقة أو عالية؟

عند حصولك على نتائج غير مرغوبة، هل تصر أو تكرر نفس الطرق والأسباب من جديد؟ أو تجرب طرق وأسباب جديدة؟

هل تتذكّر النتائج التي حصلت عليها بعد السعي باليقين والتسليم؟ كيف كان شعورك؟



أثر المكان والأشياء والأشخاص من حولك يتعدى نخاع العظم!

خلال هذه السنة ترتبت لي الظروف في أني أقضي شهر ونص في عزلة بعيدًا عن كل شيء تعودت عليه وكان هذا الوقت كفيل بأنه يوريني نفسي من منظور مختلف تمامًا ما كنت سأتعرف عليه لولا تغير البيئة.. كأنك تقابل نفسك لأول مرة أو تتعرف على نسخة جديدة بوضوح بكل ما فيها من قوة وضعف. أسلوب الحياة والمشاعر والأفكار كلها معدية، وفي أوقات كثير نتشرب كل شيء من حولنا بدون انتباه. أحيانًا أمر بمشاعر مظلمة ولما أتعمق أكتشف أني التقطتها من أشخاص وكأني صرت موصل، وأحيانًا أحس بثقل شديد أكتشف أنه بسبب طاقة المكان والأشياء.. أحيانًا أحس بخفة واتساع بس لأني تخلصت من أشياء أو غيرت المكان وأحيانًا أحس بإلهام كبير وشغف بعد محادثة مع شخص..

الأثر عميق متجذر ويتعدى أيضًا أمثلتي السابقة.

أيًا كان نوع الأثر -إيجابي أو سلبي- مهم تدرك هذه النقطة أولاً وبعدها تتخذ الإجراءات المناسبة لك،

مهم تفهم دورك تجاه المكان والأشخاص وأثرهم عليك وتختار طريقة تفاعلك..

أسئلة للتفكر:

كيف تحب أن تشعر في المكان الذي تتواجد فيه؟

بصريًا، كيف تفضل أن يكون مكانك؟ ماهي الأماكن التي تشعرك بالراحة عادةً؟

من هم أهم الأشخاص في حياتك وما هو أثرهم السلبي والإيجابي عليك؟

ماهي الأشياء التي لو تخليت عنها ستشعر بمزيد من الخفة؟

ماهي الأشياء التي تحب تواجدها حولك وتؤثر في جودة شعورك؟



وقت سقوطك هو أهم وقت لتذكّر واستخدام أدواتك.

سهل جدًا نتذكر القوة والخيارات في وقت الرخاء وننسى كل شيء في لحظات السقوط.. في هذه اللحظات بالتحديد ممكن تسترجع كل الأنماط المؤذية ووسائل الهروب فقط لأنك تعودت عليها لفترة طويلة، حتى لو بدأت بتعلم ممارسات تساعدك تحتاج منك انتباه وتكرار لما تصير هي "المعتاد الجديد"..

في هذه النقطة أنا لا أقصد أنك تتجاوز مشاعرك أو أنك تقفز لوضعية القوة مباشرة، ولكن مهم تتذكر لحظتها أن كل المشاعر مؤقتة وأن الحياة بطبيعتها متحركة.. وإذا عندك أدوات تعرف أنها ممكن تساعدك لحظتها ليش ما تستخدمها؟ بعض المشاعر المظلمة كل ما تعمقت فيها أكثر كل ما انسحبت إلى المزيد من الظلام والتشوه في الفكر.

إذا كنت مهتم بجودة حياتك واكتساب المرونة - خصوصًا في لحظات السقوط -

اطلب المساعدة عند الحاجة، تذكّر الخيارات والصورة الأكبر، طوّر أدواتك الخاصة واستخدمها في وقت الرخاء والشدّة..

أسئلة للتفكر:

ماهي أبسط الأدوات التي تساعدك في لحظات السقوط؟

إذا كنت تمتنع عن مساعدة نفسك، ما الفكرة/الشعور الذي يمنعك في العادة؟

ماهي وسائل الهروب التي تستخدمها ومتى تظهر عادةً؟

(وسائل الهروب هي نمط يحميك من حدة بعض المشاعر، أحيانًا يمكنك استخدامها بوعي ومن ثم استبدالها تدريجيًا الأهم ألا تستمر إذا كان فيها إيذاء لنفسك وشعورك)

تذكّر فترة صعبة في حياتك، ما الذي خفف عليك حدتها وساعدك على تجاوزها؟



حدسك وحكمتك تشبه بصمات أصابعك.

لكل شخص بصمة مختلفة تميزه في هذا العالم وعلى قدر تشابهنا إلا أننا مختلفين، لذلك أؤمن جدًا وأدعو دائمًا للاحتفال بالتفرّد.. صوت قلبك، إحساسك الأول، حكمتك الداخلية، هي جزء من تفرّدك وهي بوصلتك الأولى.. مهما علت أصوات الضجيج في الخارج، مهما علت مكانة الأشخاص بالنسبة لك، مهما كثر الكذب والتلقين والتضليل، ارجع لبوصلتك الأولى وفطرتك السليمة..

أكيد لو سألتك الآن تقدر على الأقل تتذكر موقف شعرت فيه بشيء تجاه أمر معين ولكنك تجاهلت إحساسك واتضح لك بعدها أن إحساسك الأول كان سليم..

هذه الحكمة دائمًا موجودة وتتطلب منك حضور واتصال بجسدك..

لا تعطي الأشياء أو الأشخاص الأولوية والقداسة، وقبل أي قرار مرر الأمور من خلال بوصلتك وحكمتك الداخلية، ستصيب وتخطئ وتتوه أحيانًا لكنك ستتعلم بطريقة مختلفة..

أسئلة للتفكر:

كيف تميّز حدسك وهل لديك علامات متكررة؟

كيف تتخذ قراراتك في العادة؟ وهل تميل للتأخر أو التسرع؟

ما الذي يشتتك عن تمييز صوت قلبك؟

ما الذي تعلمته عن نفسك مؤخرًا؟



الرفض هو قرب وطلب لمزيد من الإبداع.

بالنسبة لي الرفض كان أحد التجارب المؤلمة اللي تعرضت لها من طفولتي.. كان شعور الرفض أشبه بشبح مرعب يبتلعني ويدخلني في حيرة وأسئلة وجودية ما أملك إجابتها، واليوم أقدر أقول بضحكة ودهشة أن الرفض كان تصفية وقرب وصقل لروحي وجوهري..

لو كان شعور الرفض هو أحد تحدياتك أو حتى لو مريت عليه بأي طريقة كانت، وسواء كان رفض من أشخاص أو فرص،

تخيّل معايا الآن أنك في حياة مليئة بالفرص والدهشة..

في هذه الحياة كل شيء مسخّر لصالحك..

أبواب وخيارات تشبه روحك الفريدة..

حاولت بفضول الدخول من بعض الأبواب، ولكنها أغلقت في وجهك..

تكررت المحاولات والإغلاقات لتكتشف أخيرًا أن كل باب ومحاولة ماهي إلا إرشاد من روحك.. إرشاد وطلب لمزيد من الإبداع.. لطريقة وإدراك جديد..

لإظهارك تفرّدك وجوهرك.. إرشاد من صوت مألوف يناديك ويدلك "لمكانك"

أيًا كان نوع الرفض اللي تعرضت له، أعرف أنه الشعور مؤلم ومو مكاني أقولك كيف تتشافى لو كان جرحك عميق أو أحدد عليك طريقة تعاملك مع مشاعرك لكني أشاركك منظور ساعدني وأتمنى يساعدك أيضًا..

أسئلة للتفكر:

أترك لك المساحة تتفكر وتسأل نفسك كما تحب..

لو وصلت هنا شكرًا لك!

وإذا شعرت بإلهام أقترح عليك تجرب جلسة المراجعة الشهرية والقائمة السحرية! (تجدها على الصفحة الرئيسية)

تذكّر دائمًا بأنك تولد من جديد كل يوم.. أعط نفسك الأحقية للدهشة والبدء من جديد..

أيقظ مجددًا عيني الطفل واحمل معك حكمة البالغ..

واسعى بالصدق واليقين في رحلتك الفريدة..

ألقاك في تدوينات قادمة!

دُمتَ مبدعًا،

رنيم.



التعليقات

لا يوجد أي تعليقات لعرضها.

تسجيل الدخول

مقالات أخرى

كيف أجدد طاقتي كل يوم

كيف أجدد طاقتي كل يوم

أهلاً بك! من أي مكان أنت وبأي حال كنت.. مر وقت طويل على آخر تدوينة ورجعت لك الآن بتدوينة جديدة تمهيدًا للعودة.. كلنا نعرف أن الحياة بطبيعتها متحركة ومتغيرة، أوقات نشعر بانسجام واتزان وأوقات يختل الميز

10/02/2025
Raneem Alshaikh
عبّر عن نفسك!

عبّر عن نفسك!

أهلاً بك! من أي مكان أنت وبأي حال كنت..  تدوينة هذا الأسبوع خفيفة وعملية والنية منها إني أدعوك وأذكرك تسترخي، تعبّر عن نفسك بأي طريقة، وتكتشف الطرق الأقرب لك.. وحدة من الأنشطة اللي أحبها وأستمتع

19/01/2024
Raneem Alshaikh
"يلا اركبي الموجة!"

"يلا اركبي الموجة!"

أهلاً بك! من أي مكان أنت وبأي حال كنت.. أكتب لك الآن بشعور مقاومة.. مقاومة للكتابة في هذه اللحظة بالتحديد، ولكن لأني قررت الالتزام قلت لنفسي ابدئي يارنيم! ابدئي وشوفي لفين الموجة تاخذك..  في

14/12/2023
Raneem Alshaikh